فيما تتواصل تبادل الانتقادات والاتهامات بين روسيا والولايات المتحدة حول أوكرانيا، وأكدت واشنطن، من دون أن تقدم أدلة، أن موسكو تخطط لتصوير شريط فيديو عن هجوم أوكراني مفبرك يستهدف الروس لتبرير غزو روسي للدولة المجاورة.
وسبق أن طرحت الولايات المتحدة احتمال قيام روسيا بعملية “تحت راية زائفة”، وهو تعبير يعني أن دولة ما تستخدم رموز العدو للتمويه وإثارة الارتباك.
لكن الكرملين سارع إلى رفض هذه الاتهامات وحض على “عدم تصديق” السلطات الأميركية، فيما وصفها وزير الخارجية سيرغي لافروف بـ”الهذيان”.
في المقابل، كثف الأوروبيون جهودهم الدبلوماسية لمنع وقوع نزاع على الخاصرة الشرقية للاتحاد الأوروبي. وأبدت أوكرانيا الجمعة “ارتياحها” للدعم الغربي الذي سمح على حد قولها بإفشال “إستراتيجية الترهيب” التي تمارسها موسكو منذ بضعة أشهر.
وزار كييف هذا الأسبوع مسؤولون من بريطانيا وبولندا وتركيا وهولندا، وتستعد العاصمة الأوكرانية لاستقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء والمستشار الألماني أولاف شولتس في 14 فبراير (شباط).
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي الجمعة إن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم أن يبحث مع شولتس الأسبوع القادم ما وصفته بالتزام مشترك لردع أي عدوان روسي آخر على أوكرانيا.
ورأى وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن “روسيا خسرت هذه المعركة”.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن ونظيره الأوكراني ناقشا الجمعة الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا، كما تحدث بلينكن عن اتصالاته التي أجراها مؤخراً مع المسؤولين الروس.
وأضافت الخارجية أن بلينكن، الذي تحدث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الثلاثاء، أكد استعداد الولايات المتحدة للتعامل مع المخاوف الأمنية الأميركية الأوكرانية وأوضح رغبة واشنطن في فرض تبعات صارمة على روسيا اذا اختارت تصعيد الوضع.
توقعات بوصول أول دفعة من القوات الأميركية إلى بولندا
وقالت مصادر دفاعية لوكالة “رويترز” الجمعة إنه من المتوقع وصول أول دفعة من القوات الأميركية إلى بولندا اليوم السبت لتعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي في الوقت الذي يدور فيه الجدل بين الغرب وروسيا حول الوجود العسكري الروسي بالقرب من حدود أوكرانيا.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عنها بسبب الطبيعة الحساسة لوصول هذه القوات إن الخطط يمكن أن تتغير اعتماداً على الأمن والأوضاع اللوجستية.
وأعلنت إدارة بايدن يوم الأربعاء عن نشر قرابة 3000 جندي أميركي في شرق أوروبا خلال الأيام المقبلة وذلك وسط مواجهة مع روسيا بسبب أوكرانيا.
وقال وزير الدفاع البولندي ماريوش بلاشتاك ووزارة الدفاع الأميركية يوم الأربعاء إن نحو 1700 جندي من الفرقة 82 المحمولة جواً والمتمركزة في فورت براغ بولاية نورث كارولينا سيصلون إلى بولندا لكن على أساس مؤقت.
وللجيش الأميركي بالفعل نحو 4500 جندي في بولندا سواء في إطار حلف شمال الأطلسي أو بشكل ثنائي يتمركز معظمهم في غرب بولندا على أساس دوري.
بوتين يتسلح بدعم الصين
حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة على دعم الصين في صراعه مع الغربيين حول أوكرانيا، فيما يكثف الأوروبيون جهودهم الدبلوماسية لتفادي حرب. وبعد لقاء مع شي جين بينغ قبيل افتتاح أولمبياد بكين، دعا الرئيسان في إعلان مشترك إلى “حقبة جديدة” في العلاقات الدولية ووضع حد للهيمنة الأميركية.
وندد البلدان اللذان تشهد علاقاتهما مع واشنطن توتراً متصاعداً، بدور التحالفين العسكريين الغربيين اللذين تقودهما الولايات المتحدة: الحلف الأطلسي وحلف “أوكوس” الذي أنشئ بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا عام 2021، باعتبارهما يقوضان “الاستقرار والسلام العادل” في العالم.
وأكد البيان المشترك أن موسكو وبكين “تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً”، وهو المطلب الأول لروسيا من أجل خفض حدة التوتر بينها وبين الغرب حول أوكرانيا.
ويتهم الغرب الكرملين بالتحضير لغزو أوكرانيا، مع نشر حوالى مئة ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدود هذا البلد المقرب من الغرب. وتنفي روسيا ذلك، مؤكدة أنها تريد فقط ضمان أمنها، وتؤكد في المقابل أنها تشعر بأنها مهددة من الحلف الأطلسي، وتطالب من أجل خفض التوتر بوقف سياسة توسيع الحلف وسحب قواته من أوروبا الشرقية، وهو ما يعتبره الأوروبيون والأميركيون غير مقبول.
وأيدت روسيا والصين مبدأ “أمن واحد لا يتجزأ” الذي يستند إليه الكرملين ليطالب بانسحاب الحلف الأطلسي من محيط روسيا، مؤكداً أن أمن البعض لا يمكن أن يتحقق على حساب البعض الآخر، رغم حق كل دولة، وبالتالي أوكرانيا أيضاً، في اختيار تحالفاتها.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الجمعة إنه يعارض العودة إلى “حقبة مناطق النفوذ عندما كانت قوى عظمى تقرر ما ينبغي أو لا ينبغي على جيرانها الأصغر القيام به”.
وقال دانييل كريتنبرينك كبير الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا إن الاجتماع بين الرئيسين الصيني والروسي في بكين كان يجب أن يكون فرصة للصين لتشجيع روسيا على تهدئة التوترات مع أوكرانيا.
وقال كريتنبرينك للصحافيين خلال الاجتماع الذي أدى إلى إعلان الصين وروسيا عن شراكة استراتيجية عميقة، إن مثل هذا النهج هو ما يتوقعه العالم من “القوى المسؤولة”.
وأضاف “إذا غزت روسيا أوكرانيا، وتجاهلت الصين الأمر، فهذا يشير إلى أن الصين مستعدة للتغاضي عن محاولات روسيا لإكراه أوكرانيا أو دعمها ضمناً، حتى عندما تحرج بكين وتضر بالأمن الأوروبي وتخاطر بالسلام والاستقرار الاقتصادي العالمي”.
ماكرون يزور موسكو
قالت الرئاسة الفرنسية الجمعة إن إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي عازمان على “المضي إلى جوهر الأمور” خلال اجتماعهما الإثنين في موسكو عبر درس تدابير “خفض التصعيد” في الأزمة على حدود أوكرانيا.
وأضاف الإليزيه أن الرئيسين الروسي والفرنسي “سيأخذان الوقت اللازم لتناول كل القضايا المتعلقة بهذه الأزمة”، والأمر “لا يتعلق بتسوية كل شيء… (بل) الحصول على العناصر الكافية للقول إن لدينا الوسائل” لخفض التوتر.
ومن المنتظر أن يزور رئيس الدولة الفرنسي الكرملين قبل أن يتوجه إلى كييف حيث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء.
خلال محادثتهما الهاتفية الخميس، قال بوتين لنظيره الفرنسي “أنا في انتظارك، أريد إجراء محادثة جوهرية معك، أريد المضي إلى جوهر الأمور، أنت محاور جيد”، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وعلى عكس قادة آخرين قبله، يتجه إيمانويل ماكرون أولاً إلى روسيا لأنه “يجب حل المشكلة في موسكو، وليس في كييف”، وفق مستشار له أعرب عن أمله في تحقيق “تأثير أفضل بكثير” مما لو بدأت الجولة من أوكرانيا.
وقال الإليزيه إن ماكرون يعتزم “الاتصال وبدء مفاوضات بأوضح الشروط الممكنة” مع بوتين.